رسالة من منفذ عملية "عين الحرامية" لوالدة الجندي الاسرائيلي ديفيد: الشعوب لا تسترد حقوقها الا بمقاومة الاحتلال الاسير ثائر حماد منفذ عملية عيون الحرامية... و الرسالة
الثلاثاء أكتوبر 13 2009
- ردا على رسالة ام الجندي الاسرائيلي "ديفيد" الذي قتل في عيون الحرامية أرسل الاسير ثائر حماد منفذ عملية عيون الحرامية رسالة خاصة يرد فيها على رسالة والدته الى ارسلتها اليه .
العملية كانت ضد حاجز عسكري اسرائيلي شمال مدينة رام الله ونفذها ثائر لوحده في عام 2002 واعتبرها المراقبون من انجح العمليات خلال انتفاضة الاقصى حيث تمكن ثائر ببندقية قديمة من قتل 11 جنديا ومستوطنا وجرح 9 اخرين بـ 26 رصاصة اطلقت على ذلك الحاجز.
كانت المفاجأة في تلك العملية ان منفذها لم يستشهد ولم يلق القبض عليه. مما فتح الباب علي مصراعيه لسرد القصص والحكايا سواء من قبل الفلسطينيين او الاحتلال الاسرائيلي، ففيما قدرت المصادر الفلسطينية والاسرائيلية ان منفذ تلك العملية طاعن في السن وربما شارك في الحرب العالمية الثانية كونه يمتلك تلك البندقية القديمة والدقة في التصويب اشارت مصادر امنية اسرائيلية الي ان منفذ تلك العملية ربما قناص من الشيشان استطاع الوصول الي الاراضي الفلسطينية لمحاربة الاحتلال الاسرائيلي وغير ذلك من التقديرات والتكهنات".
وفي عام 2004 اعلنت اسرائيل عن اعتقال منفذ عملية واد الحرامية الشاب ثائر حماد (26 عاما) من منزله في بلدة سلواد شمال رام الله، وحكم عليه بالسجن المؤبد 11 مرة.
يقول ثائر : اخيرا وصلتني فحوى رسالة "روبي دملين" والدة الجندي ديفيد وهو احد جنود جيش الاحتلال العشرة الذين قتلوا في العملية والتي حكمت على تنفيذها باحد عشر مؤبدا .
بعد منع مصلحة السجون ايصال الرسالة التي بعثتها السيدة روبي الى عائلتي مطالبة بالرد عليها، لانه حسب قولها يهمها الاستماع الى رأيي لانه يؤثر في شعبي الذي لا يزال يتغنى بالعملية، لا استطيع مخاطبة والدة الجندي مباشرة ليس لعدم امكانية تمريرها من داخل المعتقل بل لان يدي ترفض الكتابة بنهج لا يعبر في جوهره الا عن سياسة الاحتلال الذي يرفض التسليم بحقوق شعبنا ،والحاجز الذي تخطته في الكتابة لي حسب تعبيرها لن استطيع بدوري اجتيازه لان الانسان قضية وموقف يعبر من خلاله عن هذه القضية وبالتالي لا يمكن لي مخاطبة من يصر على مساواة المجرم بالضحية ومساواة الاحتلال بالشعب الواقع تحت سياطه.
ولكن هذا الرد الذي اكتبه على نية خطاب من خلاله النهج الذي يعبر عن السيدة "روبي" بشكل فهلوي معتقدة ان بعض الكلمات العاطفية تحل الصراع الجاري منذ عشرات السنوات وحصرا ،الخص كلماتي للرد على اهم ما ورد في الرسالة.
تقول والدة القتيل ديفيد :انه لم يرغب في الخدمة في الجيش الاسرائيلي لانه يؤمن بالتعايش والسلام.
لم تبرر السيدة روبي ما الذي دفع الجندي ديفيد للخدمة العسكرية لاحقا. ويبدو من حالة السيدة روبي ان التفكك في المجتمع الاسرائيلي انعكس عليها ولم تعرف حقيقة ابنها الذي لم يساهم في اذاقة شعبنا الويلات وحسب بل نصب نفسه في مقدمة القتلة.
وتقول السيدة روبي : ان الجنود الذي يخدمون في الجيش الاسرائيلي لا يدركون حجم المعاناة التي يسببونها لشعبنا.
ورغم ان ابنها تجاوز الـ28 عاما ويدرس الفلسفة في احد الجامعات الاسرائيليه، تدعي السيدة روبي ان ابنها وامثاله لا يدركون حجم المعاناة التي يسببونها لشعب الفلسطيني، متناسية ان معاناة الشعب واشلاء الشهداء لم تترك بقعة على الارض لم تصلها.. وتبث عبر اعلامها وما ادعائها الا كمن يحاول تغطية الشمس بكف يده.
وتدعي السيدة انني في السجن ومن الممكن في يوم ما العودة الى عائلتي واما ابنها فمات ولا يمكنه العودة.
وتعتقد السيدة انني امثل قضية فردية وليس قضية شعب قدم على مذبح حريته الاف الشهداء ،والذي كان لاستشهادهم تداعيات انسانية عميقة على شعبنا ،فلا تخلو عائلة منه، لا ارى ضرورة في هذا السياق لابراز الصورة العاطفية التي رافقت مراسم الجنازات ، فقضيتنا سياسية وطنية بالدرجة الاولى قبل ان تكون انسانية بامتياز.
وتشير الرسالة ان حالة الصراع لا يمكن دون الحوار والمصالحة وان القتل لا يمكن ان ينتج سوى المزيد من القتل والمعاناة ،وكأن السيدة روبي تعيش على كوكب اخر متناسية ان الشهيد ابو عمار دعا للسلام قبل 35 عاما وقتل اخيرا بأيدي قاداتهم المنتخبين من قبلهم.وان القيادة الفلسطينية رضخت لموازين القوى المجافية وشروط المجتمع الدولي المنحازة على حساب حقوقنا التاريخية ورغم ذلك لن تجد اذانا صاغية للحكومات الاسرائيلية من اقصى اليمين وبما يسمى باليسار بل تشير المعطيات بأن مراحل مد الثورة شهدت تراجعا في استيطانكم اكثر من حالات الجزر ووصولا للتفاوض. وان اتفاق مدريد الموقع قبل 20 عاما لم يجد التزاما منكم رغم التزام القيادة الفلسطينية به وبما تبعه من اتفاقيات.
واذكر ام الجندي ان مدرسة التاريخ اثبتت ان الشعب الذي لا يقاوم الاحتلال بكل الوسائل وخاصة المسلحة منها لا يمكن ان ينتزع حقوقه ولكم عبرة في حلفائكم الامريكين الذين جروا ذيول هزيمتهم من فيتنام وان جيشكم لم ينحسب من لبنان الا بالمقاومة والبطولات فتعلموا من تجارب التاريخ وارفعوا ايديكم عن ارضنا وشعبنا وهوائنا .
تقول والدة الجندي علينا التخلي عن احلامنا لاجل السلام
تعبير وقح يساوي بين الاحتلال المجرم الذي طرد شعبنا من اراضية في العام 48 وبين شعبنا المشرد في اسقاع الارض، مقارنة تساوي بين القاتل والحصار وعلى سرقة ارتكبها وشعب متهم انه فلسطيني ولد على هذه الارض، مقارنة بين صاحب الارض والممتلكات التي طرد الى لبنان سوريا والاردن وبقية المنافي، وبين الاثيوبي والصومالي والروسي والامريكي والاوروبي الذي تخلى عن وطنه بحثا عن المكاسب المادية ويقيم على انقاض شعب اخر.
وتقول السيدة روبي انها انضمت لحلقة الاباء الفلسطينيين والاسرائيليين لاجل السلام بعد وفاة ابنها وهو تجمع للاهالي الذين فقدوا ابنائهم على مسرح الصراع مصرة على تشبيه شهدائنا مع قتلاهم مقارنة بين اصحاب الحق المدافعين عن حقوقهم وبين المحتلين ، وتطالبنا والدة الجندي بالتخلي عن احلامنا وهي حقوقنا التاريخية المجبولة بالدماء ودماء الاجيال المتعاقبة وتضعها في ذات السلة مع احلامهم القائمة على الاحتلال والاستغلال والعنصرية والدم.
لقد رفضت مخاطبة ام الجندي مباشرة لانه لا يمكنني ان التقى بها في منزل شرد منه واهله تحت النيران والقذائف الى المنافي في النبطية وصبره وعين الحلوة وبقي المخيمات ،لا يمكنني اللقاء بمغتصب ارضنا على ذات الارض المغتصبة.
ان السلام يعني اعادة الحقوق لاصحابها دون ان يتعاطى والاعتذار والتعويض من الالام والمعاناة التي سببها الاحتلال ، ولا يمكن للسلام ان يتحقق بالقفز عن هذه الحقوق وشطب تاريخ تعمد بالدم والتضحيات.
تقول السيدة روبي: انا اعرف ان ثائر نفذ العملية كجزء من النضال والحرية والعدالة واقامة الدولة المستقلة.
نعم لهذا نفذتها وليس حبا بالقتل والعنف . بل ضرورة فرضها الاحتلال بممارساته ولن احيد عن هذه الطريق ما دام الاحتلال واقع، وبما انك تثقين ان كلماتي ستلقى الصدى لدى شعبي، فاني اقول لهم وللعالم اجمع ان لا تراجع عن حقوقنا ولا انحراف عن طريقنا وان طاولة المفاوضات تتويج للعنف الثوري والمقاومة المسلحة وليس بديلا عنها، فالاحتلال لا يمكنه التسليم بحقوقنا دون ان يدفع ثمن احتلاله باهظا ما يجبره على التسليم بهذه الحقوق، وان كل اشكال الاحتلال والاضطهاد الى زوال ولا بد ان يعم يوما فجر الحرية والعدالة الاجتماعية والقيم الانسانية.