صوتُ قطرات المطر المتقطعة ...صفير الرياح الهادئ .... حفيف أغصان تلك الشجرة العجوز القابعة أمام ذلك المنزل الصغير ...تناولت دفترها المليء بالذكريات ...بالقصص بالخواطر .. ووضعته أمامها وبدأت تنقشُ كلماتها المرصعة بالحقيقة ... حقيقة العالم من حولها ..وهي تلفظُ كل كلمة تكتبها بصوت مسموع .
الحيـــاة ما أكبــــرك ....وماأقواك ِ ...وماأعظمــك ِ ....عشتُ فيك سنوات أعيشُ فيها مرارة الدفاع عن الحق ....ما أجمل الماضي ...تُرى مالذي تغير أيتها الحياة ؟
لماذا انقلبت الموازين !!
لماذا أصبح العزيز ذليل !!
والذليل المُهان عزيز !!
لماذا أصبح المظلوم ظالم
والظالم مظلوم !!
لماذا أختلت المعايير الحقيقية للحياة !!
لماذا تجردت الحياة من العواطف الحلوة والمشاعر النبيلة ..لماذا غادرتنا البسمة الشفافة ....
وزُرع مكانها الغل والحقد
هل هو التطور والتقنية الحديثة !!
ولكن ماالذي يجعل مجرد آلات تفعل هذا بنا !!
إطلاقا ليست التقنية والآلات الحديثة السبب ..تُرى ماالسبب إذا ...
سؤال يُحيرني دائما .
وضع أحدهم يده على كتفها ..استدارت ..إنه أخوها الذي يصغرها سنا ..قال لها بأسلوبه الفلسفي المعهود ..ونظراته الواثقة الثابتة ..لماذا تُلقين باللوم على الحياة .
صدقيني لا شأن بها بأي شيء ..
البشر هم الذين تغيروا
نفوسهم التواقة إلى الرذيلة .
شخصياتهم القابلة للإنقلاب والتغير الجذري
الأقنعة التي يلبسونها والتي تُخفي ورائها وحوش مفترسة ..لا ترحم ..الحياة لا ذنب لها ..
أجدادنا كانوا يعيشون هذه الحياة .وعلى الرغم من ذلك كانوا أروع الناس ..عموما يا أختي المحتارة ..الحياة لها طريقين لا ثالث لهما ..الخير أو الشر ...
الشر ليس طارئ ولا دخيل ...بل هو في نفس كل إنسان منا
وأنتِ أعلم بقصة إبليس مع آدم عليه السلام ..
( قال كلماته وخرج وهي لا زالت تسرح ببصرها فيما قال ...فعلا كل ماقاله صحيح ..عذرا أيتها الحياة ...لن أخطئ ثانية وألومك ....تناولت الصفحة وقطعتها من دفترها .ألقتها جانبا ..أطرقت قليلا ..حتى اصطادت فكرة لتكتب عنها ...وبدأت الكتابة ...)